الأربعاء، 11 أبريل 2018

الصين في عيون العرب


بقلم 
أ.د./ ناهد أحمد الشعراوي
أستاذ الأدب العربي- بكلية الآداب ،ورئيس القسم السابق
 بجامعة الإسكندرية

- ما أروعَ أن يعرفَ العربُ الكثَير من ملامحَ الأدبِ الصينىّ الحديثِ والمعاصر، في خطوطِه العريضةِ؛ وإن دراسةَ وتقديَر الخصائصْ الإبداعيةِ، لما تم نشُره مترجماً من الأدبِ الصينِّى، الذي يمثلُ تراثاً عريقاً، لمدةٍ تزيدُ على أربعةِ آلافِ عامٍ ليمثلُ دراسةً لفكرِ وثقافة، أمةٍ قديمةٍ وعريقةٍ، يُعدُّ إبداعُها بالكلمةِ المكتوبةِ   جزءاً من ميراثٍ وطنٍّى مجيدْ.
- وقد هيأتْ الترجمةُ إلى العربيةِ فرصة ذهبيةً للاطلاعِ على الإبداعِ الأدبِّي الصينِّي في بعض صوره، مترجماً عن مصادرَ صينيةٍ أصيلةٍ. مما يهىءُ قراءةً واعيةً بالخصائص الثقافيةِ، لروائعَ الأدبِ الصينيِّ .

- وقد وصلتنا بالعربيةِ بعضُ كتاباتِ القصةِ الصينيةِ، والتى تسجلُ جوانَب الحياةِ الاجتماعية؛ كالمعاناةِ اليومية، أو الجوانب السلبيةِ، الماثلةِ في القضايا العامةِ والمصيريةِ، في حياة الصينيين،  وفي درجاتِ العلاقات الإنسانيةِ الحميمةِ، أو غير الحميمةِ.
- وكذلك أدركنا خلالَ الروايةِ الصينيةِ مظاهَر الحياةِ اليوميةِ.. بتفاصيلها.. وعالمِ الأسطورةِ .. والمواريثِ الثقافيةِ القديمةِ: عن الطبقيةِ، والجماهيرِ، ومشاعرِ الناسِ، وطبائعهم.
- وإن مؤلفات الكُتَّابِ الكبار الصينيين المترجمة إلى العربية قد أدخلتنا في الأجواءِ الواقعيةِ، في تناولاتهم القصصية في القصةِ الصينية.
فشاهَدنا مظاهَر الحياةِ في القُرى الجبليةِ، وحواراتِ بسطاءِ الريفِ الصينِّي، والعادات والتقاليد الريفيةِ الصينية، بالتزاماتِها وقيودِها. وكذلك حياةُ بسطاءِ الموظفين والعمال، من أبناء المدنِ الكبري.
- وقد قرأنا خلال الترجمة العربية المختارات القصصية للأديب الصينيّ لوشون Lu Xum بعنوان " يوميات مجنون " ؛ وهو يلقَّبُ  " رائد الأدب الصينّي الحديث "، و" عميد الأدب الصينِّى الحديث"، و " رائدْ الواقعية في القرن العشرين ".
كما عرفنا أثَره في الأوساطِ الأدبيةِ في المجتمع الصينِّي المُعاصر، وكذلك أعمال الكاتبِ "مويان" الحاصل على جائزةِ نوبِلْ للآداب، وقد وردَ في حيثيات منحِه الجائزة ( إنه يتميز في رواياته بإدماجِ الحكاياتِ الشعبيةِ مع الواقعيةِ، والتاريخ بالحداثةِ ).
- وإن روايتيه ( الصبي سارقُ الفجل )، و ( الذرة الرفيعةُ الحمراء)، قد أتاحتا للقارئ العربِّى الواقعيةَ الاجتماعيةَ، للبيئةِ الريفيةِ الصينيةِ، بشخصياتِها، وطبيعتِها، وأساطيرها.
- وكذلك مجموعُ قصصهِ القصيرة ( رجلٌ لا يكفُ عن المرح ) التى استلهم فيها بيئتهَ المحليةَ في قرية ( كاومي)، وكذلك استدعى فيها أجواء المدينةِ الصينيةِ العصريةِ .... في معالجاتٍ روائيةٍ جميلةٍ.
- وكذلك مؤلفاتُ الكاتبِ الساخرِ ( ليوجين يون )، مثلُ رواية " الموبايل " ، ورواية " رب جملةٍ بعشرةٍ آلافِ جملة " التى نالَ عنها جائزة ( مادون الأدبية ) .

- ومن الإبداع الشعرىِّ الصينىِّ في مسيرةِ الثقافةِ الصينيةِ، كتابُ " الأغاني " الصيني (شيجينغ) الذي وصلَ إلينا مترجماً إلى العربيةِ. ويعتبرُ الكتابُ مصدرَ الإبداعاتِ الشعريةِ الصينيةِ. 
فهو من أقدم المجموعات الشعرية في العالم، وقد كتبت قصائده في الفترةِ من القرن السادس إلى القرن الحادي عشر قبلَ الميلاد. وتنقسمُ قصائدهُ إلى ثلاثةِ أقسام: القصائدُ الإقليميةُ والقصائُد الغنائيةُ، والمدائح الملكيةُ.

- ومن آفاق الترجمة من الصينية إلي العربية، أن أُتيحَ للقارئ العربِّي، قراءةَ فلسفية (كونفوشيوس) الملكُ الفيلسوفْ وهو أولُ فيلسوفٍ صينِّي، ينشرُ فلسفتَه في السلوكِ الاجتماعي والأخلاقي.
- وقد أضفى الصينيون على شخصيتهِ، كثيراً من القصصِ والأساطير، مما يستدعى التأمُّلَ: في تعاليِمِه، وفلسفتِه، وحكمِته، وعقيدتِه.

- وهكذا.... فإن ترجمةَ العديد من الأعمالِ الأدبيةِ الصينيةِ بجهودِ المترجمين المتخصصين، إلى لغتِنا العربيةِ ... لهى فرصةٌ عظيمةٌ للامتزاج الثقافِّي بين الأدبين : العربيّ والصينيّ ... وكذلك لتوصيلِ الأدبِ الصينِّي إلى القاريءِ العربيِّ ... مما يتيحُ الفرصةَ لاستعراضِ النتاجِ الفكرىِّ للأمةِ الصينيةِ .

­